الطاعة لا تَعنِي الخضوع والاستسلام، بل هي سلوكٌ مكتسَب عن طريق الخبرة والتجرِبة والتدريب، وقد تغرسُ في النفس المعاييرَ الجيدة، والنظام، وضبط النفس، والسيطرة على الموقف.
وكثيرًا ما يخطئ الوالدان في استخدام العنفِ والقسوة والحرمان، من أجل السيطرة على أطفالهم، وإجبارهم على الطاعة والخضوع، كأن يَفرِضُوا عليهم المكوثَ في مكانٍ واحد، وبشكل معين مدة من الزمن، والحقيقة أن هذا يتنافَى مع طبيعة الطفل ونشاطه، كما أنه ليس دليلاً على الأخلاق الجيدة ، فمثلاً قد تجد الطفلَ مطيعًا وهادئاً في البيت، والعكس تمامًا في المدرسة.
أو قد تجد الأمَّ تلحُّ على طفلِها لتناول الطعام وهو لا يستجيب، أحياناً تجد الطفل يزيد من عصيانه ورفض أوامر الوالدين في أثناء وجود ضيوفٍ في البيت، فيقوم بأنشطة زائدة، أو يأكل بشراهة، أو يجلس بطريقة غير مهذَّبة ، أي: إنه قد يبالغ في إحراجِ والديه ليظهر عجزَهم، وأحيانًا نجد الأمَّ تخوِّف الأطفال بالشرطة، والعفاريت، والسجن، وهذا الأسلوب قد يُجدِي لفترة من الوقت، لكنه يجلب الخوف للطفل، ولكن الأهم من ذلك هو إقناع الأطفال بالطاعة، والفوائد التي يُمكِن أن يَجنُوها من وراء ذلك.

☆متى يبدأ العناد عند الطفل ؟

•• العناد ظاهرة سلوكية تبدأ في مرحلة مبكرة من العمر، فالطفل قبل سنتين من العمر لا تظهر مؤشرات العناد في سلوكه؛ لأنه يعتمد اعتماداً كلياً على الأم أو غيرها ممن يوفرون له حاجاته ، فيكون موقفه متسماً بالحياد والاتكالية والمرونة والانقياد النسبي.

☆وهناك ثلاثة أنواع للعناد :

1.  عناد التصميم والإرادة:

وهذا العناد يجب أن يُشجَّع ويُدعَّم ، لأنه نوع من التصميم، فقد نرى الطفل يُصر على تكرار محاولته، كأن يصر على محاولة إصلاح لعبة، وإذا فشل يصيح مصراً على تكرار محاولته.

2.  العناد المفتقد للوعي:

يكون بتصميم الطفل على رغبته دون النظر إلى العواقب المترتبة على هذا العناد، فهو عناد أرعن، كأن يصر الطفل على استكمال مشاهدة فلم تلفازي بالرغم من محاولة إقناع أمه له بالنوم ، حتى يتمكن من الاستيقاظ صباحاً للذهاب إلى المدرسة.

3.  العناد مع النفس:

نرى الطفل يحاول أن يعاند نفسه ويعذبها، ويصبح في صراع داخلي مع نفسه، فقد يغتاظ الطفل من أمه ، فيرفض الطعام وهو جائع، برغم محاولات أمه وطلبها إليه تناول الطعام، وهو يظن بفعله هذا أنه يعذب نفسه بالتَّضوُّر جوعاً.

☆ماهي أسباب عناد الأطفال ؟

1. أوامر الكبار  التي قد تكون في بعض الأحيان غير مناسبة للواقع، وقد تؤدي إلى عواقب سلبية؛ مما يدفع الطفل إلى العناد ردَّ فعل للقمع الأبوي الذي أرغمه على شيء .
كأن تصر الأم على أن يرتدي الطفل معطفاً ثقيلاً يعرقل حركته في أثناء اللعب، وربما يسبب عدم فوزه في السباق مع أصدقائه، أو أن يكون لونه مخالفاً للون الزيِّ المدرسي، وهذا قد يسبب له التأنيب في المدرسة؛ ولذلك يرفض لبسه، والأهل لم يدركوا هذه الأبعاد.

2.  قد يلجأ الطفل إلى التصميم والإصرار على رأيه متشبهاً بأبيه أو أمه، عندما يصممان على أن يفعل الطفل شيئاً أو ينفذ أمراً ما، دون إقناعه بسبب أو جدوى هذا الأمر المطلوب منه تنفيذه.

3. رغبة الطفل في تأكيد ذاته ، وحينما تبدو عليه علامات العناد غير المبالَغ فيه فإن ذلك يشير إلى مرحلة النمو، وهذه تساعد الطفل على الاستقرار واكتشاف نفسه وقدرته على التأثير، ومع الوقت سوف يتعلم أن العناد والتحدي ليسا بالطرق السوية لتحقيق المطالب.

4. التدخل بصفة مستمرة من جانب الآباء وعدم المرونة في المعاملة ،  فالطفل يرفض اللهجة الجافة، ويتقبل الرجاء، ويلجأ إلى العناد مع محاولات تقييد حركته.

5.  قد يظهر العناد ردَّ فعل من الطفل ضد الاعتماد الزائد على الأم، أو الاعتماد الزائد على المربية أو الخادمة.

6.  إن معاناة الطفل وشعوره بوطأة خبرات الطفولة، أو مواجهته لصدمات، أو إعاقات مزمنة تجعل العناد وسيلة لمواجهة الشعور بالعجز والقصور والمعاناة.

7.  إن تلبية مطالب الطفل ورغباته نتيجة ممارسته للعناد، تُعلِّمه سلوك العناد وتدعمه، ويصبح أحد الأساليب التي تمكِّنه من تحقيق أغراضه ورغباته.

☆ كيف تتعاملين مع الطفل العنيد؟

••أولاً : البعد عن إرغام الطفل على الطاعة، واللجوء إلى دفء المعاملة اللينة والمرونة في الموقف، فالعناد اليسير يمكن أن نغض الطرف عنه، ونستجيب لما يريد هذا الطفل، ما دام تحقيق رغبته لن يأتي بضرر.

•• ثانياً : شغل الطفل بشيء آخر والتمويه عليه إذا كان صغيراً، ومناقشته والتفاهم معه إذا كان كبيراً.

••ثالثاً : الحوار الدافئ المقنع غير المؤجل من أنجح الأساليب عند ظهور موقف العناد ، حيث إن إرجاء الحوار إلى وقت لاحق يُشعر الطفل أنه قد ربح المعركة دون وجه حق.

••رابعاً : العقاب عند وقوع العناد مباشرة، بشرط معرفة نوع العقاب الذي يجدي مع هذا الطفل بالذات ، لأن نوع العقاب يختلف في تأثيره من طفل إلى آخر، فالعقاب بالحرمان أوعدم الخروج أوعدم ممارسة أشياء محببة قد تعطي ثماراً عند طفل ولا تجدي مع طفل آخر، ولكن لا تستخدمي أسلوب الضرب والشتائم؛ فإنها لن تجدي، ولكنها قد تشعره بالمهانة والانكسار.

•• خامساً : عدم صياغة طلباتنا من الطفل بطريقة تشعره بأننا نتوقع منه الرفض؛ لأن ذلك يفتح أمامه الطريق لعدم الاستجابة والعناد.

•• سادساً : عدم وصفه بالعناد على مسمع منه، أو مقارنته بأطفال آخرين بقولنا: (إنهم ليسوا عنيدين مثلك).

••سابعاً : امدحي طفلك عندما يكون جيداً، وعندما يُظهر بادرة حسنة في أي تصرف، وكوني واقعية عند تحديد طلباتك .

التعليقات