

العقابُ هو أسلوبٌ تربويّ، غايتُه أن يتأدّب الطّفلُ ويتعلّم ألّا يُكرّر ما وقع به من أخطاء، بينما يُستخدم مفهوما الضّرب والعُنف للدّلالة على الاعتداء بدافع الانتقام، وهذا أبعدُ ما يكون عن مفاهيم التّربية ومساعيها ، و يعتقد بعض الأهالي أنّهم بالضرب يُعالجون مشاكل أبنائهم التربويّة، أو يأتي الضرب بعد أن استنفذ الأهل كل وسائل التربية وشعروا بالإحباط ، او ضربهم يكون نابعاً عن الضغوط النفسية والتوتر .
ووفقاً للدراسات التربوية الحديثة فإنّ الضرب لا يأتي بنتائج إيجابيّة، بل يؤثر سلباً على الصحّة الجسديّة والنفسيّة للأطفال. وفي علم التربية الحديث الكثير من الوسائل التي من الممكن توجيه الأطفال بها إلى القيم الجيدة والسلوك السليم بعيداً عن الضرب والتعنيف .
☆ فما هي آثار الضرب على الأطفال ؟
1. يولّد الكراهية بين الطفل والشخص الذي ضربه. والمفروض أن تكون العلاقة بين الطفل وأهله مبنيّة على الاحترام والحبّ لا على الخوف والكره.
2. يبني شخصيّة ضعيفة للطفل، ويجعله سهلاً للانقياد ، حيث سيصبح من السهل استغلاله أو ضمّه لرفقاء السوء.
3. يُزيل فرص الحوار والتفاهم بين الطفل وأهله، وهي أنسب الأساليب للتربية الصحيحة السويّة.
4. يزيد شعور الطفل بالحرمان ، الأمر الذي يؤثر في نموّه النفسي والجسدي على السواء.
5. يقلل ثقة الطفل بنفسه ، وبالتالي أقلّ قدرةً على الانخراط في المجتمع وتكوين علاقات اجتماعيّة وصداقات.
6. يزيد السلوك العدواني للطفل، حيث يولّد رغبة بالانتقام وتفريغ للغضب المكبوت.
7. انهيار شخصيّة الطفل ونفسيّته، ممّا يُؤثّر على مستقبله ويُحطّمه .
☆ ماهي وسائل تأديب الأطفال ؟
1. كلّما تصرّف الطفل تصرفاً خاطئاً غير لائق. بالإمكان تحديد المكان المناسب للعقاب كالمقعد أو جزء من الغرفة مثلاً، وليقضي فيه الفترة المحددة للعقاب، ويُفترض الحسم في تنفيذ العقاب وعدم الاستجابة لبكائه أو اعتراضه.
2. صنع لوحة مكوّنة من قسمين اثنين، القسم الأول توضع فيه النقاط مقابل الأعمال الجيدة التي يقوم بها، والقسم الثاني مقابل الأعمال السيئة، وتُحتسب هذه النقاط نهاية الشهر، ثمّ تُستبدل النقاط الجيدة بهديّة يحبّها الطفل، كالشوكولاتة أو الألعاب مثلاً.
3 . الحرمان من الأشياء المفضلة، فإذا كان يحبّ الكمبيوتر أو الآي باد أو كرة القدم وغيرها، بالإمكان حرمانه منها عندما يُخطئ ، ثم نتدرج لحرمانه من اللعب او الخروج من غرفته .
4. تركه يواجه نتائج فعله الخاطئ لوحده فعندها لن يكرره حتماً، فإذا رفض أصدقاؤه اللعب معه مجدداً بسبب سلوكه الأنانيّ مثلاً سيبتعد عن التصرفات الأنانيّة من تلقاء نفسه.
5 . الإلزام بعمل منزلي إضافي كنوع من العقاب، ويفضّل أن يكون مرتبطاً بالخطأ المرتكب، فمثلاً إذا رسم على الجدران، يجب إلزامه بتنظيفها لوحده.
6. مناقشة الخطأ. إنّ معاقبة الطفل دون إفهامه الخطأ المرتكب لن تكون له النتيجة المطلوبة مهما بلغت قسوة العقاب، الأمر الذي سيدفعه إلى تكرار الخطأ مرّات أخرى دون وعي أو إدراك؛ لذلك يجب مناقشة الطفل بالفعل الذي ارتكبه وتوضيح وجه الخطأ فيه.
7 . تجاهل سلوك الطفل خصوصاً إذا كان صغير السن، فإذا كان كثير البكاء مثلاً، يجب تجاهل بكائه وتركه حتّى يكفّ عنه لوحده.
8. النّظر إلى الطّفل نظرةً حادّةً، أو التّعامل معه بأسلوب الهَمهَمة، فلكلا الأسلوبين تأثيرٌ كبيرٌ وإيجابيّ؛ خاصّةً حين يُوجَّه إليه نهيٌ أو أمرٌ مُعيّن، حينها ينظر إليه والداه نظرةً حادّةً تُشعره بغضبهما، ولكن يجب تدريب الطّفل على هذه النّظرة منذُ صغره؛ ليعلمَ معناها، ويمتثل لأمر والديه.
9. استخدام أسلوب الخِصام والهَجر، فهو أسلوب فعّال جدّاً، خاصّةً إذا كانت علاقة الطِّفل مع الوالدين وثيقةً، ويُؤلمه أن يهجرَه والداه أو يتجنّبا محادثته، ممّا يدفعه إلى طلب رضاهما، وفعل ما هو مطلوب منه، أو العودة عمّا قام به.
10 . إظهار خيبة أمل الوالدين وعدم رِضاهما بفعل الطّفل، فحينما يشعرُ الطِّفل بأنّ والديه قد خاب أملُهُما به جرّاء تَصرُّفه الذي بدر منه فسيشعر بالذّنب، ومن الواجب أنْ يُخبراه بما كانا يتوقّعانه منه، ومن الضّروري التثبُّت من أنّ الطفل قد فَهِم الصّواب من الخطأ، وإخباره بنتائج فعله وتصرُّفه الخاطئ.
11. استخدام أسلوب فرض الضّرائب؛ وذلك بأنْ يدفع الطِّفل ضريبةً مُحدَّدةً في صُندوق مُخصَّص لهذا الأمر، عن كلّ عملٍ وقولٍ غير مناسب يقوم به، ومن اللّطيف أن يتشارك الوالدان هذا الأسلوب معه، فيدفعا ضرائب كذلك في حال ارتكابهما أيّ خطأ؛ ليتعلّم الطِّفل أنّه لا تمييز بين صغير وكبير، وأنّ القانون يسري على الجميع.
12. صندوق المواسم التي تُفعَّل في حال إصدار الطّفل إزعاجاً كبيراً في إحدى الألعاب التي يلعب بها، ولم يستجِب لأوامر والديه ومطالبهما بأن يلعب بهدوء، أو في حالِ تخريب الطّفل شيئاً من ألعابه، وإلحاقه الضّرر به، حينها تُنتزَع اللّعبة منه، وتوضَع في صندوقٍ مُخصَّص يُسمّى صندوق المواسم، ويتمّ إخراجها في وقتٍ مُحدَّدٍ ليلعب بها ، كي يشعر بقيمة الأشياء، وهذا تابعٌ لفكرة الحرمان من شيء يُحبّه، ويجب التنبُّه أنّه في حال تطبيق هذا القانون وتمّت مُعاقَبة الطّفل على شيء ما، فإنّه يجب تكرار الأسلوب نفسه في المرّات القادمة التي يُسيء فيها الطّفل التصرُّف وعدم تجاهله؛ ليتربّى على احترام القوانين.
♡ نصيحة لك عزيزي المربي :
• حتى أنا كاتب المقال ، لن أكون أحن من طفلك عليك ، فحين تكون تحت تأثير ضغوط نفسية كثيرة ، اعلم أن هذا الطفل لا ذنب له ليتحمل نتائج عصبيتك المجنونة ، وكلما تربى الطفل منذ صغره على وسائل التربية الحديثة ، اعتاد هذا النظام أكثر وكان من السهل عليك ضبط سلوكه الخارج عن السيطرة .
ووجب التنبه أنه عليك الإلتزام بوسيلة التربية ذاتها ولا تغير من رأيك ولاتتبدل أمامه ، كي لا يشعر الطفل بأنك غير ملتزم فلا يلتزم مثلك أيضاً .