

من المؤكّد أنّك شاهدت طفلاً في يومٍ ما يرتدي الملابس البالية والقديمة والمهترئة ويحاول بيعك شيئاً ما، وقد تشعر من كلامه كم هو بائسٌ ويحتاج إلى المال أو الرعاية، هذا الطفل هو واحد من ملايين الأطفال الذين يتخذون الشوارع مكاناً لهم بشكلٍ جزئي أو كلي، فيتركون مدارسهم لأسبابٍ مختلفةٍ ليعيشوا معظم أوقاتهم في الشارع، وتمّ إطلاق مسمّى أطفال الشوارع عليهم.
و تُعدُّ ظاهرة أطفالِ الشّوارعِ ، ظاهرةً مُنتشرةً بوضوح في كافّة المُجتمعات في أنحاء العالم، إذ صرّحت الأُمم المُتّحدة أنّ ما يزيدُ عن 150 مليون طفل في مختلف أنحاء العالم في وقتنا الحاضر، يُصنَّفون ضمن أطفال الشّوارع.
☆من هم هؤلاء الأطفال ؟
• يقضون أغلب أوقاتهم في الشّوارع ، للتسول ، أو بيع الخبز أو أي شيء يعود عليه ببعض المال.
• منهم من يعمل لساعاتٍ طويلةٍ ويعود في آخر اليوم إلى بيته أو أيّ مكانٍ يؤويه ثمّ ما يلبث أن يخرج في صباح اليوم التالي مرةً أخرى وهو بذلك لا يحظى بأيّ رعايةٍ من قِبل الأسرة وقد تم وضع هذه الفئة تحت مسمّى الأطفال العاملون.
• هناك من فقدوا الأسرة بشكلٍ كاملٍ مما يعتبر الشارع هو موطنهم بشكلٍ كاملٍ ، و يحتاج هؤلاء الأطفال إلى الرعاية والاهتمام لأنهم يُعتبَرون فئةً مهمشّةً، وذات مستوى تعليمٍ متدنٍ، فغالبيّتهم تركوا التعليم قبل انتهاء المرحلة الابتدائية لذلك نلاحظ أنّ عمارهم تتراوح بين السابعة والرابعة عشر.
• يُجبَرُ الكثيرُ منهم على كسبِ لُقمة عيشهم بطُرقٍ مهينة، مثل: الاستِجداء، والبحثِ في القمامة، وبيع البضاعة البسيطة كباعةٍ مُتجوِّلين في الأحياء والمُدن الفقيرة.
☆ ماهي أسباب انتشار ظاهرة أطفال الشوارع؟
1. رغبة الطفل بالبحث عن الحرية لعدم رغبتهم في التقيّد بتعاليم العائلة، أو بحثاً منه عن المتعة والترفيه عند غيابها في الأسرة فيستطيع تكوين الأصدقاء مع أطفال شوارع مثله ويجد متعةً معهم.
2. قد يهرب بعض الأطفال إلى الشارع لإشباع حبّ التملّك لديهم فيستطيع امتلاك المال وامتلاك مناطق خاصّة به للعمل.
3. فقدان أحد الوالدين أو كلاهما بسبب الموت، أو التفكّك الأسري فطلاق الزوجين مثلاً وزواج كلٌّ منهما ممّا يجعل هذا الطفل ضائعاً وتائهاً.
4 . المعاملة القاسية التي قد يتلقّاها بعض الأطفال من الأسرة والتمييز والظلم.
5. الإهمال الأسري، فيكون كلّ واحد من الوالدين منشغلاً في نفسه وغير مهتمٍ بالطفل حتى لو كانوا يعيشون معاً ممّا يجعل الطفل يهرب إلى الشارع من دون حسيبٍ أو رقيبٍ.
4. محاولة الطفل لتقليد بعض الأطفال من عمره عندما يستمع عن تجربتهم في الشارع فيحاول تقليدهم، وطبعاً لن يذكر الطفل الذي يسرد قصته المساوىء والمخاطر التي يواجهها في الشارع.
5. الفقر والحالة الاقتصادية السيّئة للعائلة، فيخرج الطفل للشارع في سبيل مساعدة أهله في الأعباء المادية وتوفير مصدر دخل للأسرة.
6. الخوف من المدرسة وكرهها بسبب الأسلوب التدريسي غير السليم.
☆ ماهي آثار ظاهرة أطفال الشّوارع ؟
1.. مشكلات اجتماعيّة، كانتشار الجهل، والتخلُّف، وزيادة أعداد الأُمِيّين.
2.. يكونُ أطفالُ الشّوارعِ عادةً ضمن بيئة سيِّئة دون وازعٍ أو رقيبٍ، بالإضافة إلى اختلاطهم بمن يكبرونهم سِنّاً، ممّا قد يُؤدّي إلى انخراطهم في شبكاتٍ مُنظَّمة من العصابات المُؤذية وذات الأهداف السيِّئة، إذ قد يعملون ضمن هذه العصابات في الدّعارة، والسّرقة، وتجارة المُخدّرات، ممّا يعودُ بآثار ضارّة على أمن المجتمعِ.
3. يُؤدّي انخراط الطّفلِ في سوق العملِ مُبكّراً إلى التأثير سلباً على نفسه، ممّا قد يُسبّب مشكلاتٍ نفسيّةً، أهمّها: الانحرافُ، وسوءُ التّعاملِ والتّأقلم مع البيئة المُحيطة به، حيثُ إنّه غير مُهيَّأٍ بدنيّاً ونفسيّاً لممارسة عددٍ كبيرٍ من الأعمال، وذلك لعدمِ اكتمالِ نموّه في هذه المرحلة العمريّة، وما يتبعها من أزماتٍ نفسيّة، كما أنّه غيرُ مُهيَّأٍ نفسياً للتّأقلم والتّعامل مع مجتمعِ كبار السّن، ممّا قد يُعرِّضه إلى انحرافاتٍ خطيرةٍ، وإحباطاتٍ تؤثّر تأثيراً كبيراً على مستقبله.
4. يتعرّض الطّفل للعديد من المشاكل الصحيّة ، فالشّارع -وإنْ قدّم الحدّ الأدنى من الغذاء ليبقيه حيّاً- لا يُقدّم له احتياجاته الغذائيّة الأساسيّة التي يطلبها جسمه، لتحقيق مُتطلَّبات نُموّه في هذه المرحلة، كما يكون مُعرَّضاً في بيئة الشّارع الخطِرة للكثير من الأمراض الخطيرة، مثل: أمراض العيون، والجرَب، والتّيفوئيد، وأمراض الصّدر.
☆ كيف نعالج هذه الظاهرة ؟
•• توفير نظامٍ اجتماعيٍّ يهتمّ بتفعيل آليّةٍ لرصد أطفال الشّوارع المُعرَّضين للخطر، وضبطهم.
•• إنشاء مؤسَّسات اجتماعيّة، تهتمّ بالتّدخل المُبكّر لحماية الأطفال وأُسَرهم من أنواع العنف والاستغلال المختلفة.
•• التّدخل لحماية الأطفال ضحايا الأُسَر المُفكَّكة، والأطفال العاملين في بيئات ضارّة وغير آمِنة، ومنذ سنّ مُبكّر.
•• تطوير برامج مكافحة الفقر، وزيادة أعداد مكاتب الاستشارات الأسريّة، وتفعيل دورها وتحسينها.
•• إنشاء مراكز مهمّتها تأهيل أطفال الشّوارع نفسيّاً ومهنيّاً.
•• تفعيل دور الإعلام بوسائله المختلفة، لزيادة وعي المجتمع، وتحريك الرّأي العامّ حول هذه الظّاهرة، وأهميّة مُكافحَتها.
•• إنشاء أماكن رعاية خاصّة بهم، فمن المُهمّ أن يتمَ توفير هذه الأماكن؛ لتلبية احتياجاتهم الأساسيّة.
•• تعيين أخصّائيّين اجتماعيّين، للعناية بهم، ومناقشة مشاكلهم وحلولها.