#قصة_قصيرة

صباحُ الخير ،
لمن استيقظ ومن لم يستيقظ فاتهُ من الخير الكثير .!
ألا جعلها الله نومة أهل الكهف ، ليفوتهُ من الخير الأكثر .
أنا اليومَ نشيطةٌ جداً ، أتعلمون لماذا ؟
لأنّي ربحتُ رهانَ العقل ، وها أنا الآن مازلتُ في السّرير ،وزوجي أتاني بالجريدة والقهوة والفطور ، وها هو في الصّالة ينظّف البيت وأصوات شتائمه تزيدُ شهيّتي في الأكل .
تناسيتُُ الرّيجيم وابتلعتُ أربعة قطع شوكولا .
منذُ أسبوع لم أكن بهذا الموقع المتميّز ، كنتُ عند السّابعة أحضّر القهوة وعندَ الثّامنة أحضّر الفطور وعند التّاسعة أودّع زوجي العزيز وهو ذاهب إلى العمل ، وبعدها تبدأ رحلتي الشّاقة في العمل المنزليّ المُمل حتّى الثّانية ظهراً ، أذهب لدوامي المسائي في الطّابعة المهترئة _تُشبهني جداً ،تعملُ بلا كَلل ، غير مبالية إن لطّخ الحبرُ بياضَ الورقة . _
حتّى البارحة ، تغيّر نظام الروتين المُمل تماماً ولولا سترُ ُ الله لتدخلت قوات الإطفاء وقوات الأمن ، غير أني هدأت وتريّثت حينَ رأيتُ زوجي مع صديقته في المقهى ، وليتدارك الموقف ، باغتَ فتيلَ غضبي قبل أن يشتعل ، وقال لها بأنّي أخته .!
شعرتُ حينها بكمٍّ هائلٍ من مزيج الأسى واللّوم ينسكبُ فوق رأسي .
قبلتُ بقوله وجلستُ بجانبهما وأنا أرى زوجي كمن ينتظر العاصفة بعد الهدوء .
أعجبني لون وجهه الأصفرَ الجديد ، ولسانهُ المتعثّر بشفتيهِ الكاذبتين.
لم أدع عينيَّ تلتقي بعينيه ،كي لا أترك لها حريةَ الاحتراق ، لم أشئ أن تفوحَ رائحة شواءٍ منّي حتى لا يشعرَ بنهمِ انتصاره علي .

في المنزل ، كنتُ عقلانية جداً كما عهدني ، ولكنّي خبئتُ المسدّس في مكانٍ آمن ، كي لا تسوّل لي الغيرة أمراً ، أندمُ عليه لاحقاً ، ويحتسبوه عليّ رجلاً .!
اتّفقت معه أنّي أختهُ التي عليه أن يجدَ غرفة نومٍ مناسبة بجانب غرفتها ، دوامه يبدأُ في التّاسعة ، يجبُ أن يُنهي جميع أعمال المنزل قبل ذلك ، دوامي يبدأُ في الثانية ، عليّ أن أهتمّ أكثر بساعاتِ نومي وهدوء أعصابي وربما أحضر له طعام الغداء ، دون أن أرشّ عليه السّمّ بهاراً ، هذا وعد .
قبِلَ بشروطي مُرغماً ، دون عتبٍ ولومٍ منّي فهو لا يستحق .!
أعلمُ أنه بحاجة لنصفِ مرتّبي ، كي يُكمل أجار البيت ، وأنا بحاجة لنصفِ رجل كي أكمل حياتي طبيعية ، بعيداً عن ثرثرةِ الجيران وسأمِ زوجة أخي منّي ، الذي أراهُ قبل أن آتيهم مُطلّقة .
خصوصاً أن والديّ توفيا ، وبقيتُ وحدي .
تسللتُ نحو الصّالة ، غمزت لزوجي وقلت له:
_مارأيك أن تدعوا صديقتك على طعام الغداء ؟ فأختك تودّ أن تطمئنَّ عليك قبل أن تدفنكَ يوماً عن دونِ قصد …
تلوّنَ وجههُ بعشرينَ لون ، وأمسكَ المكنسة كمن يُحاربُ السّجادة في الصّالة .
دخلتُ غرفتي ، أكملت فطوري ، كم هو جميلٌ صوتُ صراخ المكنسة ، لأوّل مرّة أكتشفُ ذلك .!

التعليقات