

إن المحادثات الخاصة لا تتطلب الإنصات بتعاطف وحسب, بل إظهار الشخصية الذاتية أيضاً فعتدما تقول إحدى الزوجات :” اتمنى أن يتحدث زوجي فأنا لا أعرف إطلاقاً ما يفكر فيه أو يشعر به” فهي تشعر بحاجة شديدة إلى الحميمية وتريد أن تشعر بأنها قريبة من زوجها ولكن كيف تشعر بأنها قريبة من شخص لا تعرفه؟ ولكي تشعر أنها محبوبة ينبغي عليه أن يتعلم كيف يكشف لها عن نفسه فإذا كانت لغتها الأساسية هي تكريس الوقت ولهجتها هي المحادثات الخاصة فإن خزان الحب العاطفي لديها لا يمكن أن يمتلىء حتى يحدثها عن أفكاره ومشاعره .
إن التعبير عن النفس ليس سهلاً بالنسبة لبعض الاشخاص فقد تربى معظمنا في بيوت لم يشجع فيها التعبير عن الأفكار والمشاعر بل كان يدان من يفعل ذلك فإذا طلب الطفل لعبة فإنه يتلقى محاضرة عن الحالة المادية السيئة للأسرة فيعود الطفل وهو يشعر بالذنب لأنه كانت لديه مثل هذه الرغبة ويتعلم بسرعة ألا يعبر عن رغباته مرة أخرى وعندما يعبر الطفل عن غضبه يتعامل معه والده بقسوة وكلمات تجعله يشعر بالذنب وهكذا يتعلم الطفل أن التعبير عن مشاعر الغضب ليس أمراً محموداً وعندما نجعل الطفل يشعر بالذنب لتعبيره عن شعوره بالإحباط لعدم قدرته على الذهاب مع والده إلى المتجر فإنه يتعلم أن يكبت شعوره بالإحباط في داخله وبمرور الوقت نصل لمرحلة البلوغ ويكون معظمنا قد تعلم أن يكبت مشاعره ولا نكون على اتصال بالجانب العاطفي منا .
فعندما تقول زوجة لزوجها “ما شعورك حيال ما فعله “دون” ؟ ” ويرد الزوج قائلاً :” أعتقد أنه كان مخطئاً فقد كان ينبغي عليه فعل كذا …” فهو لا يعبر عن مشاعره وإنما يعبر عن أفكاره وربما يكون لديه سبب لأن يشعر بالغضب أو الألم أو الإحباط ولكنه يعيش في عالم الأفكار الذي لا يعترف بمشاعره فعندما يقرر أن يتعلم لغة المحادثة الخاصة فإنها ستكون بالنسبة له كتعلم لغة أجنبية ولا بد أن تكون البداية بأن يكون على اتصال مع مشاعره, وأن يدرك أنه مخلوق عاطفي على الرغم من حقيقة أنه جحد هذا الجزء من كيانه.
نحن نصنع قراراتنا في النهاية اعتماداً على مشاعرنا وأفكارنا.