

••الوصية الأولى : الاقتصاد في الإنفاق ، فأغلب المشاكل تنشأ بين الأزواج بسبب الإسراف من قبل الزوجة أو الزوج ، فالمال نعمةٌ كما هو نقمة ، وممَّا لا شكَّ فيه أنَّ الإسراف وما في معناه من التبذير والترَف من الأمراض الاجتماعيَّة التي تُهدِّد الحياة الزوجيَّة
فالإسراف: هو الجهل بمقادير الحقوق، والتبذير: هو الجهل بمواقع الحقوق.
ومن صُوَرِ الإسراف من الزوج السرف في شرب وتَعاطِي الدخان وما يجري مجراه، وكان أولى بهذا المال أنْ يُكرِم به زوجته وأولاده!
••الوصية الثانية: القناعة بما قسم الله ، فالقناعة والرضا أفضل علاج للإسراف والتبذير الذي ذكرناه سابقاً ، ولكنَّ الصبر عليهما من الزوجين يحتاجُ لمشقَّة وجهد، ومَن يلتزم منهما بذلك فهو دليلٌ على حبِّه ومُراقبته لله – تعالى – وابتغاء مرضاته،
وإنَّ أهمَّ الأسباب المؤدِّية للهموم والغموم التي تُصِيب كثيرًا من بيوت الزوجية ، هو عدمُ القناعة بما أعطاهم الله، والتفاخُر بينهم في الإنفاق ، بغرَض التنافُس الممقوت والإسراف في المظاهر، واللجوء إلى الاستِدانة رغم قلَّة الإمكانيَّات الماليَّة عند البعض منهم ، ممَّا يُؤدِّي إلى تَراكُم الديون التي تُثقِل كاهلهم، وتفسد أخلاقهم، وتدفع الزّوجة إلى كثرة الطلبات ( والنق والنكد) على الزوج .
••الوصية الثالثة: مراقبة الله – تعالى ، فالله هو بين الزوجين ، في الحقوق والواجبات، وهو يسمع ويرى ،
ويُخطِئ كلٌّ من الزوج وزوجه إنْ ظنَّ أحدهما قُدرته على خِداع الطرف الآخَر، لسببٍ من الأسباب التي تدفعه إلى ذلك ، لأنَّه دوماً ما ينكشف الأمر ولو بعدَ حين، وهنا يترتَّب على آثار هذا الانكشافِ حاجزٌ نفسي يَصعُب هدمُه على المدى الطويل.
وكثيرٌ من المشاكل التي تنشَأ من انعِدام الثقة بالطرَف الآخَر – سببها عدم الخوف من الله ومُراقبته.
••الوصيَّة الرابعة: عدم التمادي في الغيرة وإظهارها ،فالغيرة المعتدلة لكلٍّ من الزوجين بعضهما على بعض بلا إفراط أو تفريط أمرٌ محمود في العلاقات الزوجية ، فالغيرة لها حدٌّ إذا جاوزَتْه صارت تهمة وظنًّا سيئًا بالبريء، وإن قصرت عنه كانت تغافُلاً ومبادئ دِياثة، وللتواضُع حدٌّ إذا جاوَزَه كان ذلاًّ ومَهانة، ومَن قصر عنه انحرَفَ إلى الكبر والفخر، وللعزِّ حدٌّ إذا جاوَزَه كان كبرًا وخلقًا مذمومًا، وإنْ قصر عنه انحرف إلى الذل والمهانة.
والغيرة المعتدلة المحمودة مطلوبةٌ ، لأنها دليل المحبة، ولو كان فيها نوع من التصرُّف المرفوض فهو مَعفِيٌّ عنه؛ لعدم القصد في الأذى، ولكن إنْ خرجت عن حدِّ الاعتدال إلى التشكيك والاتهام، وربما التجسُّس على الطرف الآخَر فهي غيرة مذمومة ومرفوضة ، لأنها تُعكِّر صفوَ الحياة الزوجية حتمًا.
••الوصية الخامسة: حفظ الأسرار الزوجيَّة ، فكثيرٌ من الرجال والنساء المتزوجين يُهمِلون مثل هذه الوصيَّة العظيمة، فالبيوت والأبواب إنما كانت لستر عورات الناس، واحتِفاظهم بخصوصياتهم التي لا يطَّلع عليها أحدٌ غيرهم.
فلو كانت حَياتهم بما فيها من خُصوصيَّات يمنعهم الحياء والخلق الحسن من كشْفها إلا في بيوتهم حيث يمارس كلٌّ من الزوج وزوجه حريَّته على طبيعته وفطرته دون تصنُّع، فمن البدهي أنَّ معرفة الأهل والأصدقاء بهذه الخصوصيَّات من الزوج أو الزوجة سيُؤدِّي إلى الصدام بينهما والحقد والكراهية وفقدان الثقة والغيرة المحمودة إلى النقيض تمامًا.
وبالتبعة يُؤدِّي ذلك إلى الفشل في العلاقات الزوجيَّة، فتنتهي بالطلاق أو الخلع، وهو النهاية المتوقَّعة للجهل بمثْل هذه الأمور.
و تحريمُ إفشاء الرجل ما يجري بينه بين امرأته من أمور الاستمتاع، ووصف تفاصيل ذلك، وما يجري من المرأة فيه من قول أو فعل ونحوه، فأمَّا مجرَّد ذكر الجماع، فإنْ لم تكن فيه فائدةٌ ولا إليه حاجةٌ فمكروهٌ ، لأنَّه خِلاف المروءة ، ويؤدِّي إلى القيل والقال، وتلويث السمعة وتدخُّل الناس بلا داعي، وهو أمرٌ يمقته الطبع السليم والشرع المطهَّر.
••الوصية السادسة: الحذر من فتور المحبة بين الزوجين ، لو سألت أيَّ زوجين بعد زواجٍ دام عشر سنوات مثلاً عن شُعور كلٍّ منهما نحو الطرَف الأخربعد هذه المدة الطويلة، وهل هو نفس الشعور خلال فترة الخطوبة وبداية الزواج؟!الجواب قطعًا: لا ، والسبب في ذلك فُتور المحبَّة ، وجهلهم بغلاوة العشرة الطويلة بينهما ،و الانشغالُ الدائم في العمل، وفي رعاية الأولاد، وعدم الانفِراد العاطفي بينهما خارج البيت، أو حتى داخله، وبث ما في القلب، وإهمال المناسبات السعيدة بينهما، وإهمال التزيُّن والتجمُّل، وغير ذلك.
وبدل الشعور بالحبِّ نجدُ الرحمة والشفقة هي التي تُغلِّف تصرُّفات كلٍّ من الزوج وزوجه.
ولكنَّ الرحمة والشفقة والإحساس بالأمان مع شريك الحياة قد لا يصمد أمامَ الفتن التي زادَتْ، والاختلاط بين الجنسيين بلا رادِعٍ من دِين أو حَياء الذي عمَّ أرجاء الحياة المعاصرة.
ومن ثَمَّ ينبغي للزوجين إحياء رُوح الشباب، وعودة الترابُط العاطفي بينهما ، لتستمرَّ الحياة الزوجيَّة ترتوي من ينبوع هذا الترابُط، وترتَقِي إلى أعلى درجات السموِّ الروحي والعاطفي بعيدًا عن رِياح التجديد والفتن التي فترت علاقتهما القلبيَّة بكثرة الهموم والغموم!
••الوصية السابعة ، اهتمام كل منهما بالآخر ، فإنَّ ممَّا يُسعِد قلب الزوج أنْ يَعُود فيجد زوجته في أبهى صورة وأطيب ريح مرحبةً به، وبكلماتٍ طيِّبة مُشجِّعة تنسيه همومَه ومشاكله في يومه هذا وهو بين يديها.
فكثيرٌ من المشاكل تنشَأ لإهمال الزوجة هذا الجانب الحيوي تحت عنوان راح الشباب وانقضى ، فليكن بيتك جنَّتك ومصدر سَعادتك، كُوني أمامَه في أجمل صورة وأطيب رِيح، وسوف ترَيْن العجب منه ، كذلك الزوج يجب أن يهتم بزوجته ولايهملها ولايهمل نفسه أمامها ، ويقول لها أطيب الكلمات والغزل .
•• الوصية الثامنة ، التفاهُم والتشاوُر عند كل خلاف ، فالحاجز النفسي الذي أوجده إهمالُ كلٍّ منهما للآخَر بسبب كثْرة مشاكل الأولاد وتربيتهم ورعايتهم، والهموم والغموم التي تُحِيط بالأسرة، ومُرور الأعوام وفتور العاطفة ، ولا بُدَّ لهذا الحاجز من هَدمِه وبناء جسرٍ من التفاهُم والانسجام بينهما قوامُه رعاية كلٍّ منهما لحقوق الآخَر؛ حتى يكون التآلُف والتآزُر بينهما قائمًا على أساس المعروف، لا على أساس الهوى والنزوة.
فلا يُهمِل الزوج حُقوقَ زوجته لمجرَّد خطَأ منها أو شيء يكرهه فيها، وكذلك لا تهمل الزوجة حُقوق زوجها لبخلٍ منه، أو أذى بدر منه ، لسوء فهم، أو سرعة غضب، أو غير ذلك.