أمور كثيرة في عصرنا أصبحت تُدفع باتجاه وضع من المساواة بين الرجل والمرأة، فالظروف أتاحت أمام كل امرأة فرصاً أكبر للاستقلال المادي والمعنوي، فهي تخرج وتعمل وتشارك، لها مالها الخاص، وعندها حاسوبها الخاص، وهاتفها النقال، وحسابها البنكي، وعالمها الذي يتوسع، وغالباً ما يكون هذا التوسع على حساب الرجل وعلاقتها به، فهي أكثر برودة وزهداً تجاه زوجها ، لأنها أقل احتياجاً له، وأقل رغبة في بذل الجهد لإرضائه، فيفقد الزوج ميزاته النسبية في الإنفاق والخصوصية، وتتسلل إلى نفسه مشاعر الحنق، وحين يستقر في ضميره أن زوجته ندٌ له يبدأ في معاملتها بالمثل ، مما قد يحوِّل الحياة بينهما إلى جحيم.

☆ ماهي قوامة الرجل في منزله ؟

• القيِّم هو السيد، وسائس  الأمر، وقيِّم المرأة ، زوجها أو وليها؛ لأنه يقوم بأمرها وتدبير ما تحتاج إليه، فالمقصود إذاً بقوامة الرجل على زوجته ، قيامُه عليها بالتدبير والحفظ والصيانة والنفقة ، والقَوامة تكليف بهذا الاعتبار أكثر من كونها تشريف، فهي تُحمِّل الرجل مسؤولية وتبعة خاصّة، وهذا يوجب اعتماد التعقّل والرَويّة والأَناة، وعدم التسرع في القرار، كما أنه لا يعني مصادرة رأي المرأة، ولا ازدراء شخصيتها.

• القَوامة لا تعني السلطة الاستبدادية، أو إعطاء الرجل صلاحيات ليكون كالوحش الضاري، ولكنها مُنحت للرجل لتسهيل إدارة هذه المؤسسة الاجتماعية – الأسرة -، وهي غرم وليست غنماً، ولكن تطبيقها الخاطئ هو الذي أساء لها.

• القَوامة لا تعني وجود زوجين يتناطحان فيما بينهما لإثبات أفضلية أحدهما على الآخر ، فكلاهما عند الله مكرمان بما فضل الله بعضهم على بعض، كما أنهما مفضَّلان إذا أدّى كلٌ منهما دوره المنوط به على أكمل وجه دون خلاف أو تناطح.

• القَوامة تكليف وليست تشريف ، فالزوج القيِّم على الأسرة مُطالب: بالإنفاق عليها، ورعايتها، والكد والسعي لجلب الرزق، والإنفاق، والتعليم، والكسوة، وغير ذلك من الاحتياجات الأساسية، لكن للأسف يعاني المسلمون من سوء فهم القَوامة؛ فبعضهم يرونها استبداداً وتسلطاً ، فيسيئوا لمعنى ومفهوم القَوامة، وكان ذلك وراء هجوم الغرب على معنى القَوامة واعتبارها ظلماً للمرأة المسلمة والإسلام من ذلك بريء.

☆ بماذا خصّ الله المرأة ؟

•• أن تحمل، وتضع،  وترضع، وتكفل ثمرة الاتصال بينها وبين الرجل، وهي وظائف ضخمة أولاً، وخطيرة ثانياً، وليست هيّنة ولا يسيرة بحيث تُؤدَّى بدون إعداد عضوي ونفسي وعقلي عميق غائر في كيان الأنثى ، فكان عدلاً أن ينوط بالرجل- الشطر الثاني- توفير الحاجات الضرورية والحماية، وأن يُمنح الرجل من الخصائص في تكوينه العضوي والعقلي والنفسي ما يعينه على أداء وظائفه، بالإضافة إلى تكليفه الإنفاق، وهو فرع من توزيع الاختصاصات.

•• أثناء قيام الحياة الزوجية لابد من إنصاف المرأة وتكريمها، وصون شخصيتها وذاتيتها واستقلالها، فأوجب على الرجل- خلافاً للأعراف الغربية- منح المرأة صَداقاً (مهراً) على سبيل التكريم لا التعويض، لقوله تعالى: {وَءَاتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً…} [النساء: 4] كما أوجب عليه الإنفاق المعيشي المعتدل على امرأته، ولا تُكلف المرأة بالإنفاق على أحد، وإذا انفسخت الرابطة الزوجية لسبب اضطراري؛ وجب إكرام المرأة بمنحها هدية مناسبة وهي المسماة بالمتعة، لقوله تعالى: {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 236] وربما يدخل في المتعة توفير مسكن للمطلقة إذا لم يكن لها من أقاربها من يعيلها حتى لا تضيع.

•• قد يتخلى الرجل عن مسؤوليته ويُسقط عن نفسه التفضيل الذي منحه الله إياه، فهنا فقط تأخذ المرأة هذا الدور، وتُكَرَّم بالقَوامة على الأسرة، وأخذ الدرجة، كما أنها تُمنح هذه الدرجة وهذا التفضيل في حال وفاة الزوج، أو عند السفر أو الهجرة أوغير ذلك .

•• ليس من شأن القوامة ، إلغاء شخصية المرأة في البيت، ولا في المجتمع النسائي، ولا إلغاء وضعها “المدني” ، وإنما هي وظيفة داخل كيان الأسرة لإدارة هذه المؤسسة الخطيرة، وصيانتها وحمايتها، ووجود القَيِّم في مؤسسة ما لا يلغي وجود ولا شخصية ولا حقوق الشركاء فيها، والعاملين في وظائفها؛ فقد حدد الإسلام صفة قَوامة الرجل، وما يصاحبها من: عطف ورعاية، وصيانة وحماية، وتكاليف في نفسه وماله، وآداب في سلوكه مع زوجته وعياله.

التعليقات